تركيا تبدأ فصلا جديدا في مسرحية "النهب الممنهج" لثروات ليبيا

عرب وعالم

اليمن العربي

بدأت تركيا فصلا جديدا في مسرحية "النهب الممنهج" لثروات ليبيا، مشتغلة اتفاق عار من الشرعية مع حكومة الوفاق التي يقودها فائز السراج والذي يسعى إلى تقديم مقدرات وثروات الشعب الليبي لصالح حليفه رجب أردوغان كمحاولة لإنقاذ اقتصاد أنقرة المأزوم.

 

ولم يكتف أردوغان بتصدير الإرهاب إلى ليبيا لحماية بقاء السراج في السطلة، بل امتدت أطماعه إلى إعلان وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، في تصريحات صحفية الإثنين، بأن بلاده "ستبدأ البحث والتنقيب في جزء من شرق المتوسط، وفقا لاتفاقية مع ليبيا"، قائلا: "مستعدون للعمل مع شركات من دول أخرى".

 

وبدأت تركيا خلال منذ مطلع العام الحالي، التنقيب عن مصادر الطاقة التقليدية في شرق المتوسط، وبالتحديد في مياه يعود جزء منها إلى ليبيا والمساحات المتبقية لم يزال خلاف دولي عليها، إيذانا من أنقرة ببدء نهب الثروات الطبيعية في البحر المتوسط، مستغلة الصراع الدائر في ليبيا.

 

تصريحات الوزير التركي لا تعكس في خفاياها إلا أن أردوغان يبحث عن غطاء لتحويل نهب ثروات ليبيا إلى عمل مشروع بحسب خبراء، الذين أكدوا أن تركيا لا تهدف منالتدخل في الشأن الليبي إلا الثروة والنفط، عبر التظاهر بحماية مصلحة البلاد.

 

وتمهد الاتفاقية إلى سرقة تركيا لمصادر الطاقة التقليدية في شرق المتوسط، من خلال شراكات غير معلن تفاصيلها مع ليبيا، في وقت تحتاج فيها الدول الواقعة على ساحل شمال إفريقيا، إلى استغلال أمثل لثرواتها لإعادة بناء اقتصاداتها.

 

 

وفي نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، وقعت ليبيا وتركيا اتفاقا بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط، الذي شكل بداية نزاعات بين أنقرة ودول مشتركة في الحدود البحرية، حيث لم تذكر أنقرة أين تلتقي الحدود البحرية بين تركيا وليبيا.

 

وتركيا البلد الفقير في مجال الطاقة التقليدية، سعت منذ 2014 إلى البحث عن موارد شبه مجانية للنفط الخام، من خلال عقد تحالفات وشراكات، هدفها الحقيقي توفير حاجتها من الوقود بأسعار تقل عن السوق العالمية لمصادر الطاقة.

 

وبحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية واطلعت عليها "العين الإخبارية"، تبلغ واردات الطاقة التركية سنويا، 40 - 45 مليار دولار أمريكي، وهو نقد أجنبي تحاول أنقرة إبقاءه داخل الأسواق، بالتزامن مع شح وفرة النقد الأجنبي داخل قنواتها الرسمية.

 

بينما ليبيا، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، يبلغ متوسط إنتاجها في الوضع الطبيعي، 1.6 مليون برميل يوميا حتى عام 2009، بينما بلغ كمتوسط يومي في 2019، نحو 1.23 مليون برميل، بحسب بيانات المنظمة.

 

كذلك، تنتج ليبيا الغاز الطبيعي بحجم 2 مليار قدم مكعبة سنويا، عبر شركة مليتة عن طريق شركة حقلي الوفاء ومنصة صبراتة البحرية، إضافة إلى شركة سرت للنفط والغاز التي تنتج للاستهلاك المحلي.

 

ووفق بيانات منظمة "أوبك" في 2019، فإن ليبيا تحتل المرتبة الخامسة عربيا باحتياطي نفطي يبلغ حوالي 48.36 مليار برميل، بينما يبلغ احتياطي ليبيا من الغاز 54.6 ترليون قدم مكعبة، يضعها في المرتبة 21 عالميا من الاحتياطات.

 

وحاولت تركيا منذ سنوات، البحث عن مصادر رخيصة للطاقة لتوفير حاجتها المحلية، عبر اتفاقيات وشراكات اقتصادية وثقافية وتجارية، مع بلدان، مثل تونس والجزائر، ومؤخرا ليبيا والصومال، وكلها بلدان إفريقية.

 

 

إلا أن إعلان تركيا التنقيب عن النفط والغاز في مياه شرق المتوسط،  سيدفع نحو اعتراضات من بلدان تشترك في الحدود المائية مع ليبيا، ومنها قبرص التي تواجه معركة مع تركيا التي تجاوزت حدودها في التنقيب، إضافة إلى اليونان وإيطاليا.

 

ويرتقب أن ينتقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، خلال وقت لاحق الإثنين، بدء تركيا عمليات التنقيب عن الغاز والنفط فى شرق المتوسط، خلال اجتماع يعقد في بروكسل اليوم.

 

والشهر الماضي، أبلغت وزارة الخارجية التركية الأمم المتحدة، بحدود الجرف القاري ومناطق ما أسمته أنقرة "الصلاحية الاقتصادية الجديدة لتركيا في شرقي البحر الأبيض المتوسط"، بالاستناد إلى اتفاقية تحديد مناطق الصلاحية الاقتصادية بين أنقرة وطرابلس.

 

بينما مطلع الشهر الجاري، أكد وزير الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الهادي الحويج، أنه تم الاتفاق مع الجانب اليوناني على دراسة إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، مشيرا أن بلاده تواجه تحديات مشتركة مع اليونان، تتمثل في العدوان التركي.

 

إلا أن التنقيب التركي عن الطاقة، يفتح الباب أمام خبرة أنقرة (المستهلك الصافي للنفط)، في مجالات الدراسات المسحية والجيولوجية والتنقيب، إذ سبق وأن فشلت أنقرة في اختيار مواقع محلية للتنقيب.

 

والشهر الماضي، فاجأت وسائل إعلام تركية الرأي العام المحلي بمعلومات حول قيام السلطات التركية المختصة في مجال التنقيب عن الطاقة في البلاد، بأعمال البحث في أماكن خاطئة، بعيدة عن المناطق الفعلية.

 

ونقلت صحيفة "سوزجو" التركية عن "دوغان إيدال" أستاذ الهندسة الجيولوجية، قوله إن عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي تتم بشكل خاطئ وفي المكان غير الصحيح في شرق البحر الأبيض المتوسط، ما يعني تكبد تركيا تكاليف باهظة.

 

"صبرنا كثيرا"، جملة تتردد بقوة في كل اجتماع لقادة أوروبا على ما يقوم به أردوغان من انتهاكات في مياة المتوسط سواء في قبرص أو اليونان وصولا إلى ليبيا، وقال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل،الاثنين، إن على النظام التركي احترام قرار حظر السلاح المفروض على ليبيا والالتزام بمخرجات مؤتمر برلين، محذرا حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من فرض عقوبات اقتصادية على بلاده حال عدم التزامها بالاتفاقات الدولية.

 

 

ويناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بالمؤتمر المنقعد حاليًا، عددًا من الملفات المهمة وعلى رأسها التعديات التركية على حقول الطاقة بالمتوسط وعدم احترامها لسيادة دول المنطقة، فضلا عن تدخلاتها في ليبيا بإرسال السلاح والمرتزقة.

 

أضاف بوريل خلال المؤتمر "قررنا تجهيز عدد من الخيارات للرد على السياسة التركية في المتوسط، وهناك مقترحات بفرض عقوبات على تركيا لوقف تصرفاتها في المتوسط"، مؤكدًا أن على تركيا احترام القيم والمصالح الأوروبية من أجل علاقات أفضل.