مالا تعرفه عن ظاهرة برودة البحر في حضرموت "البلدة".. فيديو

أخبار محلية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يدرك أبناء سواحل حضرموت أن البحر بموسم البلدة يتجلى في وجدانهم بمعان سحرية يعجزون عن وصف جمالها، ولطالما استجاشت البلدة في نفوسهم عبق الماضي، وذكريات الطفولة البريئة التي ارتبطت دوما بالبحر، مثلما يستجيش فينا شهر رمضان الكريم أطيافا من الذكريات الجميلة.


ويتجلى بوضوح في غسل موسم البلدة الإحساس الجميل الذي نجده في الجميع بين النقيضين من برد ودفء، فالجميع يدرك أن أحدنا إذا دخل غرفة ذات تكييف عال البرودة، أو سافر لمدن تتساقط فيها الثلوج، فسيعاني البرد والتجمد طيلة الوقت دون انقطاع، لكن الوضع مختلف جدا في بحر المكلا في موسم البلدة.

وبرغم ما يشاع عن قدرت البحر العلاجية على شفاء الأمراض الجلدية وآلام المفاصل والظهر والتقليل من ضغط الدم والقلب وغير ذلك من الأمراض، إلا أننا نشعر بالأسف حيال عدم قيام الجهات الطبية والعلمية المحلية بإجراء الأبحاث والدراسات اللازمة والتحقيق حول فوائد الاغتسال في الماء البارد ومدى قدرته العلاجية والصحية على الفرد، الأمر الذي جعل البعض يميل إلى أن الكلام عن فوائد الاغتسال في البحر البارد لا يعد أن يكون دعاوى مبالغ فيها تفتقر إلى الإثبات العلمي.

 

إلا أن المنطق هنا يؤكد أن عدم الإثبات لا يستلزم بالضرورة صحة النفي، فقد يتأخر إثبات بعض هذه الحقائق لدواعي الوقت والحاجة أو لنقص في الأدوات البحثية.

 

ومن هذا المنطلق، فإنها تجدر الإشارة إلى أهمية الاغتسال بالماء البارد.. كالتالي: 

أولا: ذكر الله عز وجل في شفاء سيدنا أيوب عليه السلام مما ابتلي به بقوله تعالى {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} (سورة ص/ 35)، فبرغم معرفتنا أن الشفاء كان عن طريق المعجزة إلا أن ربطها بالمغتسل البارد يضفي معنى التأكيد على أهمية الاغتسال بالماء البارد.

 

ثانيا: قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح (واغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد)، فالخطايا والسيئات هي أمور معنوية ولكن طلب تطهيرها بأمور مادية كالماء البارد والثلج يشعر أن المعنى يراد به التطهير المعنوي والمادي مما يؤكد مكانة الماء البارد.

ثالثا: دأب شعوب الصين منذ القدم على الاغتسال في الماء البارد طيلة فصل الشتاء، ومعلوم عن الصينيين أنهم من أكثر شعوب العالم ثراء في موروثاتهم الشعبية والثقافية، فتجدهم يحطمون ألواح الجليد عن سطح البحيرة في ساعات الصباح الباكر، ثم يغتسلون فيه زرافات يقطعون فيه مسافة أربعين مترا من الطرف الأول للبحيرة إلى طرفها الأخر، والملفت للنظر أن أغلب المشاركين في هذا الاغتسال هم ممن قد تجاوزوا سن الستين أو أكثر وما زالوا يتمتعون بكامل حيويتهم ونشاطهم ويعزي الكثيرون منهم ذلك إلى الاغتسال في الماء البارد وكأنهم يؤكدون المثل الحضرمي القديم(غسلة البلدة ترجع العجوز ولده) أي وليدة في نشاطها وقوتها.