ننشر نص كلمة السفير رياض العكبري في الاحتفالية بيوم الوثيقة العربية

أخبار محلية

اليمن العربي

تحدث السفير رياض عمر العكبري المندوب الدائم للجمهورية اليمنية لدى جامعة الدول العربية الاحتفال السنوي بيوم الوثيقة العربية.

 

وإليكم نص كلمة السفير العكبري

كلمة سعادة السفير / رياض عمر العكبري 
المندوب الدائم للجمهورية اليمنية
لدى جامعة الدول العربية
في الاحتفالية بيوم الوثيقة العربية 
مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية

معالي د.  / هيفاء أبو غزاله، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، 
السيدات والسادة الحضور؛  

يثير الاحتفال السنوي بيوم الوثيقة العربية أهمية الإرتقاء بالإهتمام بالحفاظ على الوثائق والتراث وحمايته من الاعتداءات والنهب والتدمير والإندثار، بصفة التراث اجمالا، والوثيقة العربية خاصة، ركنا أساسيًا لصون الذاكرة الجمعية العربية. 
كما ان يوم الوثيقة الغربية يسهم في تسليط الضوء على حقيقة إن مسألة صيانة وتوثيق وتجديد التراث، بما في ذلك حماية وصيانة الوثائق والمستندات والمخطوطات التاريخية، لا ترتبط بقضية الذود عن الهوية وذاكرة الشعوب وحسب، وانما تتصل كذلك بما تصبو اليه وتحلم به شعوبنا العربية من نهضة معرفية حداثية تنويرية، وتحقيق الإصلاح الحقيقي للنظام التربوي والتعليمي العربي، وبناء الانسان العربي المواطن الفاعل في ظلال الدولة المدنية العربية الحديثة القائمة على المواطنة وحكم القانون، وفي آخر المطاف تحقيق العدالة والتنمية والرخاء والامن والاستقرار لشعوبنا العربية. 
السيدات والسادة الكرام  
وإذا ما القينا نظرة على ما يجري في اليمن اليوم من عملية تخريب ثقافي وإجتماعي وإقتصادي جراء الإنقلاب الحوثي على الدولة الشرعية، سنجد إنه يؤكد، فيما يؤكد من معطيات مرة عديدة،  على الصلة بين أهمية تزامن جهود حماية الوثائق، والتراث العربي اجمالا، مع ضرورة إمتلاك إستراتيجيات عربية شاملة ومتجددة وخطط مشتركة مدروسة لصد المحاولات الحثيثة لقوى التخلف للهيمنة على عقول الشباب والمجتمع عامة، وانتزاع النظام التربوي والتعليمي من براثن القوى المتطرفة بجميع أنواعها كما هو الحال في اليمن، وإنقاذ التراث والوثائق العربية من تشويه وعبث القوى الظلامية، والعمل على إعادة الاعتبار لدور العقل والتفكير العقلاني النقدي للتراث، ولمشروع الإصلاح الفكري والثقافي الحقيقي والشامل في الوطن العربي.

السيدات والسادة الكرام  
وكنتيجة للحرب وغياب الدولة في اليمن بسبب تمرد المليشيات الحوثية وإنقلابها على الدولة، ترتكب في المناطق التي تهيمن عليها هذه الميلشيات جرائم تنوعت بين إحراق أو تدمير عدد من المكتبات والمراكز الثقافية والمتاحف وإغلاق أو إرهاب عدد من دور النشر ومراكز بيع الكتب. واحتراق أو تلف أو سرقة أعدادا كبيرة من أمهات الكتب والمخطوطات التاريخية النادرة، ذلك كله يجري في مسار ممنهج يهدف إلى طمس هوية المجتمع اليمني لصالح هويات دخيلة، ومحاولة إعادة تشكيل الوعي المجتمعي وإرجاعه لعصور الظلمات. 
السيدات والسادة الكرام
وتبرز في ظرفنا الراهن الأهمية القصوى للتعاون العربي والدولي لحماية وصيانة التراث الثقافي والوثائق والمخطوطات والآثار  في البلدان التي تمر بالازمات والنزاعات المسلحة، وتجتاز مراحل تاريخية مفصلية حساسة تشهد فيها حالات إنحسار  وإضمحلال أو  حتى فقدان كلي للوظائف الدستورية للدولة الوطنية، والتي نشهدها بكل أسف واقعا مؤلما معاشا في عدد من بلداننا العربية، ومنها اليمن.
السيدات والسادة الكرام 
وفي فلسطين تمضي إسرائيل في شن إعتداءاتها الممنهجة على التراث والآثار والمواقع الاثرية والتاريخية الفلسطينية وسرقتها وتشويهها، في مسعى لتزييف وتغيير الواقع والتاريخ. ان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والمجتمع الدولي مطالبين بحماية المواقع الأثرية الفلسطينية، وإلزام إسرائيل بوقف سرقتها للآثار  وتشويه الحقائق التاريخية، وبالعمل المشترك على منع إسرائيل من التمادي في سلوكها العدواني تجاه التراث الثقافي للشعب الفلسطيني.
السيدات والسادة الكرام 
يتزامن احتفالنا هذا مع إطلاق المجموعة الوثائقية بعنوان "اليمن وجامعة الدول العربية: ثمانية عقود من العمل العربي المشترك".  ولقد كان العمل في إعداد هذا الكتاب الوثائقي تجربة تعاون مثمرة بين المندوبية الدائمة للجمهورية اليمنية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية.  إننا نعبر هنا عن الشكر والتقدير لكادر مكتبة الأمانة العامة لما قاموا به من جهد لإنجاز هذه المجموعة الوثائقية، التي تتكون من ثلاث أجزاء تضم عددا من الوثائق والصور تغطي حقب من الفترة الزمنية منذ فكرة التأسيس للجامعة عام 1943 وحتى وقتنا الحالي. وأعتمد المشروع على الوثائق المحفوظة في مكتبة وارشيف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ترصد جوانب ومحطات من تاريخ العلاقة بين اليمن وجامعة الدول العربية، من خلال ما توفر  لنا في الظروف  الراهنة من الوثائق الرسمية والأخبار الصحفية والصور الفوتوغرافية والطوابع البريدية. وجرى إنجاز الكتاب في اطار مشروع "توثيق ذاكرة جامعة الدول العربية". 
ولا بد لي ان أعبر هنا عن الشكر والتقدير لسعادة الدكتور / إسماعيل عبدالغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، الذي وجه مشكورا بطباعة هذا الكتاب في مطابع الأكاديمية.

السيدات والسادة الكرام 
وفي مجال آخر من مجالات التعاون المشترك بين الأمانة العامة والمندوبية الدائمة لليمن، تم خلال الشهر المنصرم ارسال بضعة آلآف من الكتب مهداة من مكتبة الجامعة إلى "المكتبة السلطانية" في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت. وهي مكتبة عامة عريقة أسست في العام ١٩٤١م.  
وفي ذات السياق، فإننا نعكف حاليا على جمع تبرعات من عدد من المؤسسات الثقافية العربية لارسال كمية مماثلة من الكتب للمكتبة الوطنية في مدينة عدن، والتي طالها تخريب تنظيم القاعدة والمليشيات الحوثية، حيث تم تدمير جزء من مبني المكتبة وسرقت معظم محتوياتها. 
كما اننا حاليا نقوم بالتنسيق لتحقيق التعاون بين مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية والمنظمة العربية للتنمية الإدارية، بغرض تأسيس (مركز للمعلومات والتوثيق ودعم صناعة القرار) يتبع رئاسة الجمهورية في العاصمة المؤقتة عدن، وبناءه على أنقاض ما تم تدميره أو الاستيلاء عليه من وثائق رسمية ومراجع وثائقية هامة من قبل المليشيات الحوثية. والاستفادة في هذا المشروع من تكنولوجيا المعلومات والاتصال وتقنيات البرمجيات الحديثة.

السيدات والسادة الكرام 
في هذه الاحتفالية يتم تخصيص جائزة الأفراد الداعمين لعلم الوثائق والذين كانت لهم إسهامات متميزة في المجال الوثائقي لإحدى الشخصيات اليمنية والعربية التي ارتبط اسمها بالتوثيق والأرشفة، إنه المرحوم القاضي علي احمد ابو الرجال، الذي كانت له اسهامات هامة في الحفاظ على الأرشيف منذ ستينات القرن الماضي. لقد إستحق المؤرخ والوثائقي علي أبو الرجال عن جدارة لقب (ذاكرة اليمن الوثائقية). 
شكرا للامانة العامة وللمكتب التنفيذي للفرع الإقليمي العربي للارشيف على هذا التكريم وهذه الجائزة التي سوف نقوم بتسليمها لاسرة القاضي علي أبو الرجال. 
السيدات والسادة الكرام 
أغتنم المناسبة لأجدد الدعوة للحكومات وللمؤسسات العربية والدولية المعنية لزيادة الدعم المقدم للحكومة اليمنية لمجابهة الأخطار التي تحدق بالوثائق والمعالم والآثار التاريخية ومجمل كنوز التراث الثقافي النفيسة،  والعمل معا لوقف العبث الذي يلحق بها وتعرضها للتلف والإهمال، ومقاومة عصابات التهريب والاتجار بالآثار وبالوثائق والمخطوطات في اليمن. 
إن أوقات الأزمات، بطبيعتها الإستثنائية كالتي نعيشها في الوقت الراهن، تمثل محكا لإختبار مدى قدرتنا على إبتكار وتنفيذ أساليب إستثنائية للتعاون والتضامن، وتبادل الخبرات والتعاون الفني وعقد الندوات وورش العمل والبرامج التدريبية في مجال الأرشيف وصيانة الوثائق، وفي مجالات وميادين العمل العربي المشترك كافة.