عقبات كبيرة أمام المبادرة الفرنسية لإحياء السلام بالشرق الأوسط

عرب وعالم

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو

يرى الخبراء والمحللون أن فرنسا لا يمكن أن تتهم بعدم الالتزام الدبلوماسي في السعي إلى تحريك "التوقف التام" في عملية السلام الاسرائيلية - الفلسطينية لكنها نادرا ما "يكون لها دور" مشيرين إلى أن تنظيمها مؤتمرا وزاريا بهذا الشأن غدا الجمعة هو محاولة لتصبح وسيطا بارزا.

ومع ذلك فإن هناك العديد من العقبات في طريق إحراز تقدم في المبادرة الفرنسية لاسيما في ظل غياب الإسرائيليين والفلسطينيين في هذه المرحلة والتردد المستمر من جانب الولايات المتحدة فيما يتعلق بأي شيء يؤثر على حليفها القوي إسرائيل وخصوصا مع دخول الاستحقاق الرئاسي الأمريكي مرحلة حاسمة.

ومع ذلك يبدو أن المحللين منقسمون بشأن مزايا وفرص نجاح المبادرة الفرنسية، فمن جانبه قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط والباحث الزائر في معهد كارنيجي للسلام الدولي جوزيف باحوط إن فرنسا قدمت مبادرة جريئة تهدف إلى كسر الجمود وتسريع التقدم نحو الحل المعترف به، وذلك في ظل الجمود الحالي في عملية السلام في الشرق الأوسط.

وأضاف باحوط، وهو عضو سابق في الأكاديمية الدبلوماسية الفرنسية وأكاديمي شهير في باريس في تعليق أرسله إلى وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أن ثمة ترجيحات بأن تحذو الدول الأوروبية الأخرى مثل المملكة المتحدة وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا حذو فرنسا.

لكنه حذر من أن الخطة الفرنسية التي تحظى باهتمام مجلس الأمن الدولي والتي تدعو إلى إشراك الدول العربية قد تم بالفعل رفضها في شكل سابق من قبل الولايات المتحدة التي أعاقت مشروع قرار في مجلس الأمن ذا صلة بالموضوع على مدى عام مضى.

وكتب باحوط "يبدو أن فرنسا تقوم بتجريد الولايات المتحدة من دورها طويل الأمد باعتبارها الوسيط الرئيسي في النزاع (الفلسطيني - الإسرائيلي)" ومع ذلك فإن باريس تعلم أن قبول الولايات المتحدة أكثر من كونه ضروريا" لهذه المبادرة التي استغرقت عامين تقريبا لتؤتي ثمارها في شكل اجتماع وزاري".

لكن فرنسا يمكن أن تدعي الفضل لقيامها بجمع أعضاء مجلس الأمن الدولي وعدد من اللاعبين المهمين الآخرين تحت سقف واحد للقيام "بتشخيص" للوضع ورسم الأطر المحتملة للمضي قدما حتى مع وجود جدول زمني محتمل لمحادثات قمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وبالإضافة إلى أعضاء مجلس الأمن سيحضر الاجتماع عدد من الدول الإقليمية مثل المملكة العربية السعودية وتركيا والأردن ومصر وغيرها كما سيكون العديد من الدول الأوروبية ثقيلة الوزن مثل المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا ضمن الحضور البالغ عددهم 20 بلدا أو نحو ذلك.

ويحظى المؤتمر أيضا بدعم من مؤسسات مشاركة قوية مثل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية واللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبي. وقد استثمرت فرنسا الكثير من التحركات الدبلوماسية في اجتماع يونيو بإرسال رئيس الوزراء مانويل فالس إلى المنطقة في مايو الماضي لمتابعة الزيارة "غير الموفقة" التي قام بها أخيرا وزير الخارجية جان مارك أيرولت الذي لم يستقبل بأذرع مفتوحة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حيث أظهر له "عداء مستترا" بشأن المبادرة الفرنسية.

وكان وزير الخارجية الفرنسي قد رفض في تل أبيب خلال جولته الأخيرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة الشكوك التي أبداها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حيال "عدم حيادية" فرنسا في مبادرة السلام مع الفلسطينيين.

وقد حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أدرج في تشكيلته الحكومية مجددا اليمين المتطرف لاسيما وزير الدفاع افيغدور ليبرمان تخريب المبادرة الفرنسية التي تقترح إجراء محادثات مباشرة مع القيادة الفلسطينية والتي عرض أن تستضيفها باريس.

وقد وصف أحد السفراء الفرنسيين السابقين في المنطقة والخبير في شؤون الشرق الأوسط العرض بأنه "إيماءة سياسية"، وأضاف، لـ"كونا"، طالبا عدم الكشف عن هويته، أنه "متشكك جدا" في أن يتمكن اجتماع باريس من كسر "هذا الجمود" مشيرا إلى أن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ينقسمان أكثر فأكثر "مع جيل جديد من الفلسطينيين وانتفاضة غير منظمة" في ظل ارتفاع مستوى العنف من الجانبين، وتابع "يضاف إلى ذلك وجود اليمين المتطرف الإسرائيلي" في الحكومة.

وعلاوة على ذلك أشار إلى أن "إسرائيل ترى أن مؤتمر (باريس) غير مقبول تماما وأن العرب ليسوا حقا مستعدين إلى هذا الحد". وذكر "أن هذا المؤتمر يلبي حاجة ضرورية، ولكنه قد يكون سهما طائشا" إذ إن نجاحه يتوقف على مدى استعداد الولايات المتحدة لدعم المبادرة الفرنسية وعلى اتخاذ خطوة إلى الوراء من مقعد القيادة في حافلة السلام في الشرق الأوسط التي نفد وقودها بشكل واضح جدا.

وقد أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حضوره يوم الجمعة، وقال محللون إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما "ليس لديه شيء ليخسره" في استثمار الدعم الأمريكي في عملية فشلت في تحقيق تقدم، لكنه قد لا يرغب في إلحاق الضرر باستراتيجيات انتخابات الديمقراطيين قبل 17 شهرا فقط من موعد الاقتراع، وإنه قد يكون حذرا من إثارة الجماعات الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة.

لكن باحوط يقول إن أوباما - الذي لديه علاقة شائكة مع نتنياهو - قد يرى بعض القيمة في "تقسيم العمل" بين الولايات المتحدة وأوروبا حول عملية السلام، وقال "إن العملية (الفرنسية) المقترحة يمكن أن تساعد الوسيط الأمريكي في إقناع إسرائيل باتخاذ خطوة جريئة نحو سلام كامل بينما يمكن أن تفعل أوروبا الشيء نفسه مع الطرف الفلسطيني".

ومهما كانت النتيجة الملموسة من اجتماع الثالث من يونيو فإن فرنسا في نهاية المطاف قد تكون في الصدارة لتقديم برنامجها لوضع إطار عمل لمعالجة ما يسميه باحوط "أم كل الصراعات".