بان كي مون: خليفتي في الأمم المتحدة قد تكون امرأة

عرب وعالم

بان كى مون
بان كى مون

قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن تركيا التي تستضيف حاليا أكثر من 3 ملايين لاجئ من دول الجوار، لديها الخبرة والمعرفة والتقاليد القادرة على الاستجابة للأزمات الإنسانية في العالم ولذلك وقع الاختيار عليها لاستضافة القمة العالمية للعمل الإنساني في إسطنبول يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين.

وأكد الأمين العام في حوار خاص مع وكالة "الأناضول" التركية على أن المجتمع الدولي، أنه "لن يتسامح مع القصف الأخير العشوائي من قبل القوات الحكومية السورية على مستشفى القدس بحلب وكذلك الهجمات الإرهابية من قبل المتطرفين"، داعياً إلى ضرورة "إجراء تحقيقات ذات مصداقية عن تلك الحوادث".

وحول ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حذّر بان كي مون من مخاطر مواصلة مشاريع الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدا عدم شرعيتها بموجب القانون الدولي.

وفيما يتعلق بالمسألة القبرصية توقّع الأمين العام أن يتم التوصل إلى اتفاق تسوية شامل للمشكلة القبرصية خلال الأشهر القليلة المقبلة.

كما تحدث بان كي مون في حواره عن ملفات إصلاح مجلس الأمن الدولي، وأكبر إنجازاته وإخفاقاته خلال فترة توليه منصب أمين عام المنظمة الأممية والتي بدأت من يناير 2007 وستنتهي في 31 ديسمبر 2016.

وإلى نص الحوار:

** مع انعقاد "القمة العالمية للعمل الإنساني" في إسطنبول، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الأمم المتحدة. لماذا هذه القمة ولماذا اخترتم تركيا لاستضافتها وما هي توقعاتكم بشأن نتائجها؟

* العالم يمر بمنعطف حاسم كل يوم، ونحن نشهد الآن معاناة إنسانية هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية؛ من تداعيات النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية. والأرقام تتحدث عن نفسها: أكثر من 130 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدة، أكثر من 60 مليون نازح قسراً وأعداد لا تحصى من المتضررين من الكوارث.

هذا هو السبب في انعقاد هذه القمة وهذا مهم للغاية. ومن بين المشاركين رؤساء دول وحكومات، وأيضا شركاؤنا من المنظمات الإنسانية متعددة الأطراف وغيرها، والقطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية، والمجتمعات المتأثرة.

الجميع سيأتون معاً، وكما كان الحال مع اتفاق تغير المناخ، فإن كل الأيدي ستعضد بعضها بعضًا على سطح السفينة، وهناك نحو 6 آلاف مشارك في القمة العالمية للعمل الإنساني في إسطنبول.

وقد وقع الاختيار على تركيا لموقعها الاستراتيجي في قلب أوروبا، وآسيا، والشرق الأوسط، جنباً إلى جنب مع عنصر الرفاه في إسطنبول والبنية التحتية المتطورة للغاية.

إن تركيا التي تستضيف حاليا أكثر من 3 ملايين لاجئ من دول الجوار، لديها الخبرة والمعرفة والتقاليد القادرة على الاستجابة للأزمات الإنسانية.

** هل تعتقدون أن المجتمع الدولي وخاصة الدول المتقدمة لم تقدم ما يكفي من المساعدة لتركيا وغيرها من الدول التي تستضيف اللاجئين؛ فالحرب في سوريا مرّ عليها الآن أكثر من 5 سنوات وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها مبعوثكم السيد دي مستورا فإن المسار السياسي يبدو قاتما. الهجمات ضد المدنيين والمستشفيات والبنية التحتية لا تتوقف مطلقا. هل تتوقعون أي حل قبل انتهاء فترة ولايتكم كأمين عام للأمم المتحدة آخر ديسمبر المقبل، وما الذي يتعين على المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي القيام به لوقف سفك الدماء؟

* صحيح.. إنه من الصعب إيجاد حل لهذا الصراع، لكن ستيفان دي ميستورا يعمل بكل الجدية للتوصل إلى حل، وهذا ممكن مع دعم مناسب من مجلس الأمن، ومجموعة دعم سوريا الدولية، التوصل إلى حل دبلوماسي.

إنني مستاء من استمرار الهجمات على المستشفيات والبنية التحتية. إن تلك الهجمات التي تستهدف المدنيين هي انتهاكات لا يمكن التسامح معها يجب أن تكون هناك مساءلة عن هذه الجرائم. وإنني أدعو الأطراف المتحاربة في سوريا إلى أن تجدد فورًا التزاماتها بوقف الأعمال العدائية. وأحثّ مجموعة دعم سوريا الدولية ولا سيما الرئيسان المشاركان الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الأمريكية، على ممارسة الضغط على جميع الأطراف المعنية لوقف القتال وضمان إجراء تحقيقات ذات مصداقية عن الحوادث التي وقعت مثل الهجوم على مستشفى القدس بحلب وباقي المناطق المدنية.

** كيف تنظرون إلى ظاهرة المقاتلين الأجانب، والتدخلات الروسية والإيرانية وتداعياتها على الصراع السوري؟

* إنني أحث جميع الأطراف على إدراك عدم وجود حل عسكري للصراع في سوريا، والحل لن يتم التوصل إليه إلا عبر التفاوض.

وبطبيعة الحال، وأنا على دراية بأن التدخل العسكري من قبل العديد من الدول هو لمحاربة "داعش"، وإنني أرحب بذلك التدخل ولكن أود أيضا أن أشدد على أن أي عمل عسكري ضد تلك الجماعة يجب أن يتم وفقا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

** هناك الكثير من الانتقادات لموقف مجلس الأمن والدعوة لضرورة إصلاحه. ما هو رأيكم.. وهل تعتقدون أن الإصلاح ضروري لجعل المجلس أكثر فعالية وشمولية، وإذا كان الأمر كذلك ما الذي ينبغي عمله، ومن وجهة نظركم ما هي أوجه القصور في المجلس؟

* إنني على دراية بطبيعة المناقشات الدائرة حول مسألة العضوية في مجلس الأمن والحاجة إلى الإصلاح، وإنني أشجع أي تدابير يمكن أن تعزز شرعية وفعالية المجلس. ومن الواضح أنه بموجب ميثاق الأمم المتحدة، فإن أي إصلاح لمسألة العضوية بمجلس الأمن يجب أن تتقرر من قبل الدول الأعضاء، وسأترك الأمر في أيديهم.

** في الكثير من المناسبات تنتقدون سياسات الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. ولكن الحكومة الإسرائيلية تقبل على خطط استيطانية جديدة كل شهر. هل تتوقع أنه يمكن تطبيق حل الدولتين في ظل هذه الظروف؟

* من الواضح أن مخططات الاستيطان والتشريعات التي يتم تطبيقها بأثر رجعي مستمرة في التقدم بخطوات لا يمكن تعقبها وفي ظل عملية تخطيط معقدة. هذه الخطوات، جنباً إلى جنب مع إعلان مارس الماضي "أراضي الدولة" - الأول من نوعه خلال أكثر من 18 شهرا- إشارة إلى أن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي مستمر في التوسع على أراض مخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية.

وهنا أود التأكيد من جديد على أن المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي وهي تقوّض حل الدولتين وتعمل على خلق وقائع جديدة على الأرض من خلال عمليات الهدم والبناء وتثير تساؤلات حول هدف إسرائيل النهائي وفيما إذا كان دفع الفلسطينيين للخروج من أجزاء معينة من الضفة الغربية، مما يهدم أي أمل في الانتقال إلى دولة فلسطينية قابلة للحياة.

إنني أشجع الطرفين على العودة إلى المحادثات حتى نتمكن مجددا من العمل من أجل التوصل إلى تطبيق حل الدولتين، وهو الهدف الذي يواجه أخطارا محدقة حاليا.

** يبدو أن مسألة قبرص باتت على مسارها الصحيح هذه المرة. ماذا تتوقعون من المحادثات بين الجانبين والسيد بارث ايدي؟

* الأمر المشجع هنا هو أن المفاوضات، بتسهيل من مستشاري الخاص، السيد اسبن بارث ايدي، تواصل إحراز تقدم جيد في جو من الثقة وحسن النوايا. لقد كان عام من المفاوضات المكثفة بين الزعيمين القبرصي اليوناني، السيد نيكوس اناستاسيادس، والقبرصي التركي، السيد مصطفى أقينجي، وقد عمل الإثنان بجدية لمعالجة القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للمجتمعات المحلية، مع احترام حقوق المجتمع للآخرين.

ومما يشجعني أيضاً البيان المشترك الصادر في الذكرى السنوية الأولى من المحادثات بين الزعيمين يوم 15 مايو عام 2016، حيث أعربا فيه عن التزامهما بتكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة خلال العام الجاري. وأنا باعتباري قادم من كوريا وهي أمة منقسمة في حد ذاتها فإن، قبرص تمنحني الأمل في المستقبل.

إنني على يقين بأن إعادة توحيد الجزيرة القبرصية سيحقق فوائد سياسية واقتصادية حقيقية ليس فحسب بالنسبة للقبارصة، لكن أيضا سيتردد صداها إلى ما وراء الجزيرة عن طريق المساهمة في تحقيق الاستقرار والتعاون في المنطقة.

لقد أعرب الزعيمان عن عزمهما على التغلب على الخلافات المتبقية في الأشهر المقبلة. وإن الأمم المتحدة وأنا شخصيا ملتزمان بدعم هذه الجهود، مع الحفاظ على أن مستقبل قبرص يحدده القبارصة، جميع القبارصة.

** نهاية هذا العام ستنتهي ولايتكم كأمين عام للأمم المتحدة. ماذا تود أن تقول للأمين العام الجديد وما هي الأمور التي كنت تخطط لها لكنك لم تتمكن من تنفيذها خلال ولايتك؟

* كما تعرف فإن هذا الأمر متروك للدول الأعضاء، إنني أتمنى أفضل شخص ممكن لهذا المنصب وربما للمرة الأولى في التاريخ، سنجد أن هذا الشخص من الممكن أن يكون امرأة.

** هل يمكنك تسمية أحد أعظم إنجازاتك، وأحد أكبر إخفاقاتكم خلال فترة ولايتكم؟

* لقد قلت مراراً أنه سيكون لأشخاص آخرين الحكم على سجلي وسأترك لهم أمر التقييم، لكن مع مرور الوقت وبصفتي الأمين العام الذي تقترب ولايته من نهايتها، يحدوني الأمل أن تتواصل الإصلاحات التي حققناها في النظام الدولي بشكل عام وكذلك داخل منظومة الأمم المتحدة.

لقد حققنا خلال فترة ولايتي كأمين عام، أهداف التنمية المستدامة الجديدة وتوصلنا إلى اتفاق قوي بشأن تغير المناخ. تلك هي الإنجازات التي يمكن أن تساعد الأجيال القادمة في التعامل مع تحديات القرن الـ21 على أرضية صلبة، وآمل أن يبني الناس والحكومات والمجتمع المدني عليها.