كاتب: هل باتت ضربات أمريكا لإيران "قدرا مقدورا"؟

عرب وعالم

اليمن العربي

تساءل الكاتب إميل أمين، "هل باتت الضربة الأمريكية المتوقعة للمليشيات الموالية لإيران في العراق قدرا مقدورا في زمن منظور؟".

وأضاف في مقال نشره موقع "العين الإخبارية"، أن "الجواب يحتاج إلى تفكيك المشهد الأمريكي، لا سيما أن الولايات المتحدة الأمريكية منشغلة في حرب حقيقية مع عدو خفي غير منظور بالعين المجردة، حرب كورونا إن جاز التعبير.. من أين يمكن للمرء أن يراقب المشهد؟

وبحسب الكاتب، أكدت أن الضربة المتوقعة تأتي ضمن سياق صراع الإدارات الأمريكية الإيرانية، مع الأخذ في عين الاعتبار أن واشنطن قد تفقد صبرها من استهداف معسكراتها في العراق، وقد كانت آخر الضربات التي تعرضت لها القوات الأمريكية هناك من نصيب معسكر التاجي الذي تلقى قصفات صاروخية في الثاني عشر من مارس/آذار، ما أدى إلى مقتل أمريكيين وبريطاني وجرح نحو اثني عشر أمريكيا.

ومضى "في أعقاب الضربة صرح وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر بأن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة أمام ما يجري لقواتها في العراق، ومن هذ المنطلق يمكن للمرء أن يتفهم أبعاد ما أشارت إليه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نهار السبت الماضي من استعدادات عسكرية غير اعتيادية لتوجيه ضربة قاسية وقاصمة لا تصد ولا ترد.. لمن ستوجه هذه الضربة؟

وشدد "من الواضح أن الأهداف المرشحة للقصف هي مقار منظمة بدر، وأماكن تواجد مليشيا عصائب أهل الحق، وكذا حركة النجباء، بالإضافة إلى عصب تلك المجموعات المتمثلة في كتائب حزب الله العراقي، وجميع تلك الفرق المليشياوية التي تدين بالولاء أيديولوجيا ودوجمائيا لإيران، تتوزع بين المحافظات الشرقية والوسطى.

وقال "أحد الأسئلة التي تطرح ذاتها بذاتها على مائدة البحث: "هل هذا هو الوقت المناسب بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لتوجيه مثل هذه الضربة؟

وبين "يمكن الجواب من الداخل الإيراني قبل الأمريكي، فعلى الرغم من الجائحة الملمة بإيران من جراء فيروس كورونا وارتفاع نسبة الوفيات بصورة مخيفة وكذا أعداد المصابين، فإنه من غير الواضح أن إيران تفكر جديا أو جذريا في تغيير موقفها الداعي للتصعيد والساعي لتفعيل شهوة الانتقام في المنطقة برمتها.

خذ إليك على سبيل المثال الصواريخ التي أطلقتها جماعة الحوثي الإرهابية على المملكة العربية السعودية خلال الأيام القليلة الماضية، وهي بالقطع صواريخ إيرانية وتم إطلاقها بخبرات ايرانية وإن كانت في أيدي الحوثي.

بالقدر ذاته تبدو النوايا الإيرانية واضحة جدا من خلال تصريحات إيرانية قمة في الاستفزاز ، منها ما جاء به أمين مجمع تشخيص النظام في إيران "محسن رضائي" من أنه إذا لم تخرج أمريكا من العراق، فإن الشعب العراقي سيخرجها.

أما مساعد قائد الحرس الثوري في الشؤون السياسية العميد "يد الله جواني" فقد تحدث بالقول: "لو أراد الأمريكيون تنفيذ خطوة عسكرية في العراق من وراء الحرب النفسية، فسيضيفون هزيمة استراتيجية أكبر من الماضي إلى سجلهم".

إيران في واقع الأمر تريد الهروب إلى الأمام، فهي تعيش في ظل أزمة تكشف عن مدى هشاشة بنيانها الداخلي، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المهترئ إلى درجة مخيفة، والعوز الذي بات الإيرانيون يجدون أنفسهم فيه، جاءت كارثة كورونا لتبين أن موارد إيران قد أنفقت على المغامرات العسكرية السلطوية في الخارج، فقد أكد أكثر من مسؤول أن إيران تسيطر عبر مليشياتها على أربع دول عربية، فيما الشعب الإيراني يتطلع إلى سرير في مستشفى، أو جهاز تنفس اصطناعي لمريض في غرفة الرعاية المركزة.

علَّى جواد ظريف من صوته بأن الحظر والعقوبات الأمريكية هي السبب الرئيس في أزمة إيران، غير أن وزير خارجية أمريكا "مايك بومبيو " يجيبه بأن على خامنئي أن ينفق ملياراته الخاصة على الشعب الإيراني إن كان من الصادقين، والجميع يعلم أن الأمريكيين قد أعلنوا على الملأ أرقام ثروة خامنئي التي تصل إلى مليارات الدولارات.

إيران إذن ترى في انشغال الولايات المتحدة الأمريكية في الداخل ومن جراء وباء كورونا فرصة ذهبية، لأن تمضي في فرض سطوتها على كل العراق، وفاتها أن العم سام لديه خطط عسكرية قادرة على إدارة حربين عسكريتين حول العالم في وقت واحد، وربما ثلاث معارك، من غير أن يتأثر ميزان انتباهه العسكري، وليست مواجهة أزمة صحية.. حكما سوف تعبرها، والأيام تثبت ذلك.

حتى كتابة هذه السطور لم يكن الرئيس ترامب قد اتخذ القرار، وإلى حين ظهورها للنور تبقى جميع السيناريوهات واردة وقائمة ومفتوحة على كل الاحتمالات.

غير أن هناك من الإشارات ما يعزز حقيقة عملية "الفجر الجديدة" القادمة، وفي المقدمة منها إجلاء موظفي السفارة الأمريكية في بغداد بحجة علنية ظاهرة هي الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا، عطفا على ذلك يقوم الجيش الأمريكي هناك بإخلاء كل قواعده العسكرية، فيما يبقي على قاعدتين فقط عين الأسد وحرير في أربيل.

ماذا يعني ذلك؟

باختصار غير مخل يعني إطلاق يد القوات المسلحة الأمريكية في القيام بعملية أشبه بإعلان حرب، عملية واسعة النطاق على أهداف منتقاة بعناية، دون أن يقلق من ردود أفعال انتقامية يمكن أن تقوم بها المليشيات التابعة لإيران.

إجراء آخر يؤكد أن حدثا جللا سوف يقع عما قريب، ويتمثل في بطاريات صواريخ باتريوت التي تقوم وحدات الدفاع الجوي الأمريكي بنشرها في العراق والكويت لتكون مهيأة لردات الفعل الإيرانية.

هل لا توجد مخاوف في الداخل الأمريكي من انفلات أكبر من أن يحتمل في الشرق الأوسط حال حدوث هذه الضربة.

واقع الأمر هناك بالفعل بعض الأصوات الأمريكية التي ترى أن مثل تلك الضربة سوف تؤثر على الحضور الأمريكي في العراق، والمهمة الأساسية للقوات الأمريكية هناك، ألا وهي تدريب القوات العراقية على مواجهة تنظيم داعش، وفي مقدمة أنصار هذا الرأي قائد القوات الأمريكية في العراق اللفتنانت جنرال "روبرت وايت".

إلا أنه على الجانب الآخر يقف مارك إسبر، وزير الدفاع، وروبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي، في صف استغلال ضعف إيران الآن بسبب كورونا وتوجيه ضربة تأديبية لأذنابها.

هل لترامب مصلحة ما في هذا الوقت في الموافقة على مثل هذه الضربة؟

تاريخيا لكل رئيس أمريكي حربه الخاصة التي يظهر فيها فحولته السياسية، وربما يكون ترامب في حاجة إلى تذكير الأمريكيين بأنه يحارب على أكثر من جبهة، كورونا في الداخل، والإرهاب في الخارج، وهذا كفيل بأن يوفر له أصواتا مريحة للفوز بولاية رئاسية ثانية من غير أدنى شك.

ما الذي يتوجب فعله في الحال وعما قريب؟

واختتم المزيد من اليقظة والانتباه، فقد تطلق إيران صرخة الطائر الذبيح عما قريب.