"الحو شرعية".. حركة حوثية النفاذ إيرانية الرؤية “تقرير“

تقارير وتحقيقات

اليمن العربي

تتجدد الأحداث اليمنية عاماً تلو الآخر لترتسم أخيرا مثلما هي، دون أي تغير يلوح في الأفق بشكل إيجابي في مجريات الصراع الذي تشهده الساحة السياسية اليمنية.

 

ولا تزال بعض قيادات الحكومة الشرعية لابثة في مناطق مشبوهة حتى اليوم؛ إذ أن جزءا منها فضل الاقامة في دول تدعم الارهاب بالرغم من الحماية التي يتمتع بها في الأراضي اليمنية، في حين لجأ الجزء الآخر إلى دول الخليج العربي التي تساند اليمنيين في الخروج من الأزمة التي عصفت بأمن وسلام المنطقة جراء المد الحوثي الايراني.

 

وفي جانب آخر في اليمن، يقف معادو الحكومة الشرعية المعترف بها الدولياً، وهم أنصار جماعة الحوثي؛ التي تسببت بحرب طائفية مدعومة من إيران؛ هدفها الرئيسي زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية والإسلامية.

 

كل ذلك، يأتي تحت مسمى الجماعة المدعوة “أنصار الله”، حيث ان شعارها الصرخة وهي: «الموت لأمريكا وإسرائيل»؛ غير أن ما يجري من أحداث في الساحة اليمنية يدل على عكس ذلك الشعار الدامي الذي يخالف كل التعاليم والقيم الإسلامية والدينية، بل إنه يخالف القانون "الإنساني الرباني" في الحفاظ على إزهاق النفس التي حرم - الله تعالى - قتلها إلا بالحق؛ وهو الأمر الذي يكشف جوهر الجماعة لدى المتابعين والمهتمين بالشأن اليمني.

 

ويؤكد المهتمون بالشأن المحلي، أن شرارة الحرب الطائفية الحوثية، لم يشعر بوجودها كل أبناء الشعب اليمني بإستثناء أولئك الذين يعيشون في مناطق سيطرة الجماعة في الجزء الشمالي من اليمن.

 

فيما تعد الفئة التي كوتها "شرارة" الحرب كبار السن، والأباء والأمهات، وصغار السن، والمتوسطة أعمارهم؛ من الزوجات والأبناء، الذين زجت الميليشيات الحوثية برجالها في الجبهات القتالية جراء نقص المقاتلين في صفوفهم عقب الضربات التي لحقت بهم منذُ بداية الانقلاب الحوثي وحتى العام الجاري 2020.

 

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أن قيادة المنشقين الحوثيين فرضت على بعضاً من الأسر التي لم يعد لديها ذكور يلتحقون بالتجنيد في صفوفهم، تجنيد الفتيات وبشكل طوعي لعدم وجود ظهر متين يسند ظهورهن ويحميهن وأسرهن من بطش وجبروت تلك القيادات التي تحارب من أجل السلطة وكسب المال من الدول الداعمة لها وأولها دويلة إيران، على حساب دماء الأبرياء من أبناء الشعب اليمني المغلوب على أمره.

 

ففي حين يقف العالم متفرجاً، يبدو أن مجريات الأحداث اليمنية إتخذت طابعاً آخر مع بداية عام 2020؛ إذ كان أغلب السياسيين والمراقبين اليمنيون، والمهتمون بالشأن اليمني، يعلقون عليه آمال عدة أهمها أن تكون بداية لعام مشرق ستشهده البلاد؛ غير أن الواقع يثبت عكس ذلك تماماً، وخاصة عقب الحركة «الحو شرعية» التي تسببت بشكل رئيسي في إنهيار الإقتصاد اليمني نتيجة هبوط قيمة العملة الوطنية للبلاد مقابل العملات الأجنبية.

 

وبالنسبة إلى إنهيار سعر العملة الوطنية لا يعد أمر جديد على الإقتصاد اليمني؛ بل إن الإنهيار بلغ أكثر من ذلك أواخر الفترة التي كان الدكتور "أحمد عبيد بن دغر" يرأس فيها حكومة البلاد.

 

ولكن الأمر الجديد والذي يثير الدهشة والاستغراب هو المبالغة “في قيمة إرسال الحوالات النقدية من المحافظات اليمنية المحررة إلى المحافظات الخاضعة لسيطرة الانقلابيين الحوثيين بشكل عام”، حيث وصل سعر الإرسال بعد حركة «الحو شرعية» إلى أكثر من 25% من قيمة الحواله الواحدة في مختلف محلات الصرافة؛ “بينما عكس العملية يظل محافظاً على السعر السابق”.

 

ومثال على ما سبق؛ قيمة عمولة إرسال مبلغ 10.000 ريال يمني من محافظة حضرموت إلى الحديدة، لدى بعض المصارف المحلية بلغ مؤخرا  2.500 ريال يمني، بينما من الحديدة الى حضرموت لا يتجاوز 250 ريالًا تقريباً.

 

ويشار إلى أن قيمة عمولة الإرسال لدى جميع شركات الصرافة المنتشرة في محافظات البلاد المحررة إلى الأخرى الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي، هي أيضاً القيمة ذاتها التي يفرضها مصرف “بنك الكريمي” أو مقاربة لها مع وجود إختلاف بسيط قد يطرأ على القيمة قابل للزيادة و النقصان؛ غير أن المذكور يمتلك فروع وخدمات مميزة في جميع محافظات البلاد وخاصة المحافظات الشمالية وأهمها الحديدة و صنعاء، ولا يعني ذلك أنه يحتكر المهنة لنفسه فقط.

 

ومصطلح الحركة «الحو شرعية» جاء نتيجة اصطدام القرارات السياسية بين حكومة الرئيس هادي، وحكومة الانقلابين الغير معترف بها، والقيادة الأولى لليمن بقيادة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير ركن عبد ربه منصور هادي، الذي يمتلك السيادة المطلقة في جميع محافظات البلاد، بينما الطرف الآخر هو جماعة ما تسمى بـ“أنصار الله” الانقلابية وزعيمها عبد الملك بن بدر الدين الحوثي؛ وهي أشبه حكومة بيد أنها لا تتمتع بأي شمل من أشكال السيادة إلا في مناطق سيطرتها إلا بالقوة.

 

وكان القرار الخاطئ الأول الذي ساهم بشكل مباشر في إنهيار الاقتصاد الوطني وولادة الحركة «الحو شرعية» هو قرار اتخذه "منصر القعيطي" إبان الفترة التي كان يشغل فيها منصب محافظ البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، والذي قضى بضخ سيولة نقدية من العملة الوطنية للبلاد بدلًا عن المهترئة والممزقة التي تملأ السوق المحلي؛ بدون أن يسحب عملة الشبه تالفة من السوق قبل البدء في عملية ضخ الطبعة الجديدة بالشكل الجديد، الشكل الذي استهجنته قيادات الميليشيات الحوثية؛ وعليه أصدرت هي الأخرى قراراً يقتضي بعدم التعامل بالشكل الجديد في مناطق سيطرتها؛ غير أن هذا القرار لم يكن على محمل الجد نسبياً.

 

ومع أواخر العام المنصرم 2019م، بدأت ميليشيات الحوثي طرف الإنقلاب في اليمن، بشكل جدي أكثر، حيث فرضت عقوبات على كل من يتعامل بالشكل الجديد من العملة الوطنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، الأمر الذي تسبب باستياء واسع النطاق بالنسبة إلى جميع اليمنيين في الداخل والخارج، وهو أيضاً الأمر الذي تسبب في تقلص حجم السيولة النقدية بالشكل القديم في المحافظات المحررة من البلاد وزيادة حجمها بالشكل الآخر الجديد.

 

وما تفرضه شركات الصرافة الواقعة في المناطق المحررة من زيادث في قيمة عمولة إرسال الحوالات النقدية إلى المحافظات الخاضعة لسيطرة المتمردين، يثبت اضطهاد الحوثي للمدنيين الذين تركوا أبناءهم خلفهم وذهبوا إلى المناطق المسالمة في المحافظات والمجاورة لهم، بحثاً عن العمل الشريف لتوفير لقمة العيش بعيداً عن نار الحرب والصراع الطائفي الذي جلبه أنصار شيعة الخميني في إيران إلى اليمن السعيد.

 

والعمولة الآنف ذكرها، تأتي مقابل توفير العملة بالشكل القديم في تلك المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرة الإنقلاب الحوثي، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن البعض أجبر على شراء الشكل القديم من العملة الوطنية بفارق في السعر الى حد ما؛ما جعل من الأمر يبدو أن هناك نوعان من العملة أحدهما قديم ولكن يتمتع بفارق سعر أعلى من الجديد، بالرغم من أن العملتين هما من فئة الريال اليمني ولم يطرأ على أي منهما أي تغيير في الكم أو الفئة، باستثناء الشكل والحجم فقط.

 

الأوضاع اليمنية المتردية في مناطق سيطرة جماعة الحوثي الملالية، جعلت من أجور من كان يقتات وأسرته من مجهود العمل الرسمي اليومي في غربة أرض الوطن مقابل توفير مبلغ 10 الف ريال يمني في الأسبوع، أجورهم 7.500 ريال بفارق 2.500 ريالًا يمني، كجبايات تجنيها الجماعة من ظهور اليمنين لتمويل مشاريعهم الفارسية في اليمن وتقويم جيوشهم.

 

ويشير مراقبون أن هذه الخطوة التي تنتهجها مليشيات الحوثي في هذا التوقيت، مؤشر يدل على الضعف المادي للجماعة التي باتت فرصة هزيمتها أقرب من أي وقت مضى.