قطر تحاول ربط علاقة وثيقة مع إيران وتركيا للتعويض عن عزلتها

عرب وعالم

تميم
تميم

 

تحاول قطر بربطها علاقات وثيقة مع إيران وكذلك مع تركيا التعويض عن عزلتها عن محيطها، لكنّ تلك العلاقات لا تخلو من محاذير وأعباء، حيث ستكون الدوحة باستمرار تحت طائلة القلق من تصعيد التوتّر بين واشنطن وطهران.

 

وانخرطت قطر في الترويج للمبادرة التي طرحتها طهران بهدف معلن هو بناء الثقة بين بلدان المنطقة وضمان السلام في الخليج، دون أن تثير اهتمام الخليجيين الذين نظروا إلى الخطوة الإيرانية باعتبارها مناورة جديدة من بلد تمثّل سياساته عامل التوتّر الأوّل في الإقليم ومصدر التهديد الرئيسي لاستقراره، وفقاً لما نشرته صحيفة "العرب" الصادرة اليوم السبت.

 

ووصف رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ما تطرحه إيران بالفرصة التي لا تتكرّر.

 

وكتب على حسابه في تويتر “نسمع أنّ هناك رسائل من إيران لدول مجلس التعاون الخليجي لبدء حوار جادّ تحت مظلة الأمم المتحدة. وأنا أعتقد أن هذه فرصة مهمة تجب مناقشتها بكل مسؤولية من دول المجلس وأن يضع الطرفان على الطاولة كل مخاوفهم بشكل واضح للوصول إلى تفاهم واتفاق يطبّع الوضع المتأزم في الخليج على الأقل من قبل أهله”.

 

وأضاف هذه “الفرصة قد لا تتكرر إذا تم اتفاق بين إيران والولايات المتحدة لأنها (المبادرة) ستكون غير ضرورية لإيران، ومن المهم أن تكون هناك مسؤولية وتقدير موقف لهذا الوضع”.

 

 

 

وقال الوزير القطري السابق الذي لا يزال يحتفظ بعلاقات وثيقة بدوائر الحكم في بلاده رغم تجريده من مناصبه الرسمية “إنّ على دول المجلس أن لا تبني سياستها على الوضع الحالي بين أمريكا وإيران”.

 

وقال منتقدون لتصريحات الشيخ حمد بن جاسم إنّ الرجل تعمّد في تغريداته وضع إيران في مقام من يدعو إلى السلام والاستقرار ويحرص على تحقيقه، في مقابل تصويره بلدان الخليج على أنّها معرقلة للمساعي السلمية ومسؤولة عن إدامة التوتّر.

 

ويبدو ذلك انعكاسا منطقيا للعلاقة التي باتت تجمع بين طهران والدوحة بفعل عزلة الأخيرة عن محيطها بسبب مقاطعتها من قبل كلّ من السعودية والإمارات والبحرين ومصر التي أقدمت على تلك الخطوة بعد أن استوفت محاولات إقناع الدوحة بتغيير نهجها السياسي المهدّد لاستقرار المنطقة وأمنها وفك ارتباطها بالجماعات المتشدّدة والإرهابية وقطع الدعم المالي والإعلامي عنها.

 

وانضمّ الشيخ حمد بن جاسم بترويجه للمبادرة الإيرانية إلى وزير خارجية إيران جواد ظريف الذي استأنف محاولة التسويق للمبادرة التي طرحها من قَبلُ الرئيس حسن روحاني من منبر الأمم المتحدة خلال مشاركته في الدورة الأخيرة للجمعية العامّة.

 

وقال ظريف في وقت سابق هذا الأسبوع إنّ المبادرة التي تعرضها بلاده تحمل اسم “مبادرة هرمز للسلام”. وأوضح على هامش لقاء مجموعة العمل الرئيسية لمؤتمر ميونيخ الذي احتضنت الدوحة قسما من أعماله أنّ المبادرة تقوم على أربعة مبادئ رئيسية، هي: عدم التدخل في شؤون الغير، وعدم الاعتداء، والالتزام بأمن الطاقة، والاحتكام إلى القانون الدولي.

 

وتكاد تلك المبادئ تلخّص مجمل المطالب التي تطرحها دول الخليج على إيران لإقامة علاقات طبيعية معها، دون أن تقوم طهران بأي خطوات عملية لتجسيدها على أرض الواقع ما يفسّر الريبة الخليجية الدائمة من الدعوات الإيرانية المتكرّرة للحوار.

 

فالبلدان الخليجية تؤاخذ طهران على تدخّلها الواضح ومتعدّد الأشكال في كلّ من العراق وسوريا ولبنان واليمن، وحتى البحرين في قلب منطقة الخليج حيث حاولت إيران طيلة السنوات الماضية تفجير الأوضاع هناك بإشعال صراع طائفي في البلد.

 

 

ويخالف ذلك جذريا المبدأ الأول الذي ذكره وزير الخارجية الإيراني. أما حديث ظريف عن الحفاظ على أمن الطاقة فيناقض بشكل كامل تعرض إيران لأمن الملاحة في الخليج وتهديدها السفن الناقلة للنفط إلى الأسواق العالمية، فضلا عن الاتهام الموجّه لها من قبل واشنطن والرياض بالضلوع في الهجوم الذي استهدف منشآت تابعة لشركة النفط السعودية العملاقة أرامكو ما ألحق بها أضرارا وتسبّب لفترة محدودة في وقف نصف الطاقة الإنتاجية اليومية للشركة.

 

ويبدو أن انخراط قطر في الترويج للمبادرة الإيرانية هو مطلب من إيران ذاتها، تطبيقا لتكتيك يقوم على الترويج لفكرة أن جميع دول الخليج ليست على نفس السوية في موقفها من المبادرة وأنّها منقسمة بشأنها.

 

وسبق لجواد ظريف أن شرع في الترويج للمبادرة نفسها باستخدام منبر إعلامي كويتي. ونشر الوزير في وقت سابق مقالا في صحيفة الرأي الكويتية قال فيه إنّ “المنطقة تعاني من فقر للحوار الإقليمي الشامل في المجالات المختلفة، الأمر الذي يؤدي إلی جفاف جذور السلام والعمران إلی الأبد”، مشدّدا على الحاجة “إلى الحوار الإقليمي الداخلي أكثر من كيل الاتهامات واستخدام التعابير العدائية والعنيفة والتنافس التسليحي وتكديس الأسلحة”.

 

 

ويتساءل مراقبون عما يمكن لقطر أن تعمله فيما لو لجأت الولايات المتّحدة، في ظروف أخرى، إلى استخدام القوّة ضد طهران ووظّفت قاعدة العديد الواقعة على الأراضي القطرية منطلقا لعمل عسكري ضدّ إيران.

 

ويقول أحد المتابعين للشأن الخليجي “مع أن هذا السيناريو يبدو مستبعدا في الوقت الحالي، إلّا أنّ التفكير فيه يحيل على التناقضات الصادمة في السياسة الخارجية لقطر والتي يعتبر الشيخ حمد بن جاسم من واضعي خطوطها العريضة حين كان يشغل منصب وزير للخارجية”