فساد مالي وإداري وتعليمي وضغط إخواني يلتهم جامعة تعز ويهدد مستقبلها "تحقيق"

تقارير وتحقيقات

جامعة تعز
جامعة تعز

التهم الفساد المالي والإداري والتعليمي وضغط إخواني جامعة تعز، مهدداً مستقبلها ومستقبل منتسبيها من الطلاب والأكاديميين والموظفين.

 

وتُسيّر جامعة تعز من خارج أسوارها، ففيها فساد واعتداءات، ومستقبل مجهول.

 

عام حافل بالعديد من الأحداث داخل أروقة جامعة تعز، وبالتأكيد خارجها، عام شهد توقف للدراسة الجامعية وإضربات ، وحتى اقتحامات للقاعات الدراسية، واعتداءات على رموز أكاديمية وأساتذة جامعيين.

 

كثر ممن تحدث معهم مراسل "اليمن العربي"، في هذا التحقيق يرجعون أسباب هذه الأحداث المستعرة إلى تراكمات فساد إداري ومالي وتعليمي التهم الجامعة، وهدد مسيرتها ومستقبل منتسبيها من طلبة وأكاديميين وموظفين.

 

والتحقيق يحاول بقدر الاستطاعة وضع الأيادي على مكامن الخلل، وإيراد بعض الحلول المقتضبة مع الوعد بإستيفاء طرح الحلول والمعالجات المطلوبة لمشكلة جامعة تعز الحالية حفظاً لمستقبل الطلبة وبالتالي مستقبل الوطن فإلى التفاصيل.

 

مسئولية الأكاديميين

 

 

الدكتورة س. ح تقول لمراسل "اليمن العربي"،  عن الفساد داخل الجامعة طبيعي، إذا قلنا أنه لا يوجد فساد بالجامعة فنحن "نغطي عين الشمس بغربال" الفساد موجود وللأسف الشديد إحنا نقول هذا الكلام والجامعة مؤسسة من مؤسسات المجتمع اليمني، فيها فساد مالي وإداري وشواهده كثيرة وعديدة".

 

وأضافت "فلن نقف أمام حصرها ورصدها فمثلا تأخر بعض المستحقات المالية وهذا ما يشاهد في إطار الساعات الزائدة لبعض الفنيين وبعض المتعاقدين وهنا الاستحقاقات قد يتم صرفها مرتين في السنة، كذلك المستحقات المالية للأعمال الإدارية التي يقوم بها الإداريون طبعاً الإداريين الصغار، أما الإداريون الكبار فكل واحد قادر على أن يخرج حقه، هذه مظاهر بارزة جدًا وواضحة وأيضا لا يوجد هناك التنسيق بين إدارات الجامعة لإجراء المعاملات، كذلك عدم التزام الموظفين بوظائفهم وعدم تواجدهم بمكاتبهم، وهذا كذلك عدم الرقابة من قبل الإدارات التي تساعد على هذا التسيب".

 

غياب تطبيق القوانين

 

من جانبه، يقول الدكتور"ع .ز" بصراحة نحن نعاني من غياب حلقة كبيرة وهامة في سلسلة العمل المؤسسي بمفهومه الصحيح، حيث نجد أن هناك بعض القرارات والآليات والإجراءات التي يتم تطبيقها في كليات معينة لا تستند إلى لوائح تحددها وتنص عليها وأحياناً تكون مخالفة للقوانين واللوائح السائدة التي يفترض تطبيقها وبخلاف ما هو معمول به في كليات أخرى، بمعنى أن هناك نوعاً من الارتجالية التي تتخلل بعض قرارات وآليات وإجراءات العمل.

 

وتابع "أما بالنسبة للتسيب الوظيفي للإداريين في الجامعة فأعتقد أنه يرجع إلى عدة أسباب منها على سبيل المثال التمييز على مستوى الإدارات التي تندرج ضمن الهيكل التنظيمي للجامعة وكذا على مستوى الأفراد في كل إدارة أو قسم، وغياب تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، وعدم وجود نظام سليم وواضح وعادل للحوافز والمكافآت، وكذا عدم تطبيق قوانين العمل والقرارات الإدارية بشكل سليم وبوجه خاص تلك التي تعنى بالحقوق والمزايا المتعلقة بالعاملين أسوة بالجامعات اليمنية الأخرى بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي لليمن بشكل عام والذي ينعكس أثره على هيكل الأجور وما يتعرض له العامل أو الموظف إزاء ذلك من الشعور بضغوط الحياة المعيشية والذي ينعكس بدوره على الأداء وعلى الرضى والالتزام الوظيفي، مما يؤدي في الأخير إلى إهمال الموظفين لأعمالهم وانخفاض مستوى الأداء وانتشار اللامبالاة وارتفاع معدلات التغيب على مدار العام وإعاقة سير العمل وبالتالي فقد فرص تحسين الأداء ورفع كفاءته، بل وتدهور مستواه من فترة إلى أخرى".

 

تدخلات بالجملة وغياب الاستقلالية

 

ويضيف الدكتور في معرض رده على أن الجامعة تسير من خارج أسوارها "ندرك أنه لا يخفى على أحد ينتمي إلى هذا الصرح العلمي الشامخ بأن الجامعات اليمنية ومنها جامعة تعز لا تتمتع باستقلالية تامة أو شبه تامة أو على الأقل نصف تامة إذا صح القول، حيث تخضع الجامعات لعدة ضغوط تمثل في ضغوط حزب الإصلاح وزارة المالية ووزارة التعلم العالي والأجهزة الأمنية التي تبسط يدها في كل مرافق الدولة بشكل واضح للعيان، وأخيراً انضم إلى مجموعة الضغط الجيش والدليل المادي الحي على ذلك ما سبق وأن حدث خلال الفترة السابقة من انتهاك أفراد الأمن للحرم الجامعي باقتحامهم لها مرتكبين بذلك جريمة من أبشع الجرائم في حق الجامعة بكل مكوناته البشرية والمادية والمعنوية وهو ما يعد إساءة لكل عضو من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة وكل موظف فيها، والذي يعد بدوره إساءة للعلم وللوطن بحد ذاته".

 

العمل الحزبي في الجامعة

 

 

ويصف الدكتور اتهامات النقابة بالحزبية أو أنها مسيسة بأنها مدعاة للضحك! وإلقاء التهم على كل من لا يقف في صف ذوي المصالح الشخصية أو السياسية من أسهل الأمور، حيث يضيف: المتابع لتاريخ العمل النقابي في الجامعة يدرك أن العمل النقابي لم يخلع ثوب الحزبية ويرتدى ثوب استقلال العمل النقابي ويبرز بمفهومه الصحيح إلا في الفترة الأخيرة التي تولدت فيها نقابة مستقلة سياسياً وحزبياً ولا ترهن إرادتها لأحد، ولا تفرط في حقوق أعضائها وتعمل على استردادها بكافة الطرق المشروعة، واضعة التعليم ومصلحة الطلبة وحماية المهنة وتعزيز الحريات الأكاديمية على رأس اهتماماتها باذلة في ذلك كافة جهودها للسعي نحو تحقيق المزيد من التقدم والرقي وتحسين أداء العملية التعليمية ورفع كفاءته وذلك من خلال تبني مفهوم الشراكة في الإدارة، إلا أنه يبدو أن قيادة الجامعة ترفض أن تتكيف مع هذا المفهوم، ولو عدنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن قيادة الجامعة هي من كرست العمل السياسي والحزبي داخل هذا الصرح العلمي في حين وقفت النقابة موقف الرافض بشكل قاطع في وجه هذه الممارسات الحزبية وأسوق لك بعض الأدلة على ذلك".

 

لوبي الفساد

 

من جانبها تصف الدكتورة "ا.د" أعضاء طبيعة العمل في الجامعة قائلةً "عندما عدنا من بلاد الغربة ونحن نحمل شهادة الدكتوراه،كنا نعتقد أننا سنبدأ بالتفرغ للأداء العلمي والأكاديمي داخل الجامعة، ولكننا تفاجأنا بأننا انقلبنا إلى مجموعة من المشارعين داخل مؤسسة الجامعة، فالدكتور منا يحتاج إلى سبعة أشهر أقل شيء حتى يكمل إجراءات تسوية وضعه،وكل يوم يظل "رايح جاي" إلى الأمانة العامة داخل الجامعة ليمر من موظف إلى موظف، وتعرقل له معاملة هنا وتضيع له أخرى في مكان آخر، وإذا حالفك الحظ برئيس جامعة فاضل كالدكتور محمد الصوفي الذي يتصف بحرصه على تسهيل معاملات أعضاء هيئة التدريس، فيوجه لك على ورقة بإنهاء إجراءاتك أو بتوجيه معين، نجد أن هذه القرارات تتعرقل على يد لوبي الفساد الإداري، الذي يرمي بتوجيهات رئيس الجامعة عرض الحائط،والغريب أن ذلك يتم دون أن تطال يد التغير مثل هؤلاء من مناصبهم".

 

وتضيف بل الأسوأ من ذلك هو أن تدار الجامعة من خارجها،وكأنها جهة تابعة للأجهزة الأمنية وليست جهة مستقلة في قراراتها وإجراءاتها، وهنا نتحدث عن قرارات التعينات التي تخالف القانون والتمريرات التي تأتي بضغوط من الجهة الفلانية والجهة العلانية،حتى وصل الأمر إلى اعتداء جهات أمنية معينة على رئيس الجامعة لأنها لم تكن راضية عن قرار اتخذه مجلس الجامعة بإجماع حاضريه ولما رأوه من مصلحة عامة.

 

غياب العدالة

 

بدروها ، "س. م" موظفة بإحدى الكليات تقول "الفساد متفشٍ بشكل كبير بالجامعة وخاصة الفساد المالي، فمثل المستحقات المالية تعتبر هي كل ما يهم الموظف بعد عناء العمل..حيث يظل الموظف ينتظر أي مكافأة قد تغطي النقص الذي يمثله راتب الموظف داخل الجامعة ولكن هذا الموظف البسيط الذي لا يملك أي وساطة يفاجأ عند رؤيته كشوفات الاستحقاق لدى أمين الصندوق فيجد في قائمة الكشوفات عمداء ونواب ومدراء الإدارات قد أحتلوا الصدارة بالمبالغ الكبيرة بينما هو إن وجد اسمه في هذه الكشوفات فيكون مبلغ ضئيل جداً لا يفي حتى بالمواصلات اليومية، كذلك الترقيات الوظيفية نجد من يصبح مدير مالي بين يوم وليلة وهو غير قادر حتى على عمل كشف استحقاق بينما الخبرات وأصحاب الكفاءات تحارب بكل الوسائل فمثلا موظف ذو كفاءة عالية يظل 9-10سنوات وأحياناً تزيد يكون في وظيفة مختص ولا حياة لمن تنادي ويأتي آخر فقط لأنه لديه وساطة تكفيه لترقيته مره واحدة من مراسل إلى مدير إدارة وهكذا حال الترقيات.. كما أن هناك بعض المدراء الذين يتعاونون في حافظة الدوام مع موظفين في الشهر الواحد لا يحضرون إلا خمسة أيام أو أقل وبعض الموظفين الملتزمين بالعمل يتم محاربتهم عند أي تأخير ولو بعذر".

 

إدارة الجامعة لوجستياً

 

وتقول الدكتورة "ن.س " جامعة تعز تعيش حالة فوضى وفساد غير عادي  بكل المقاييس فمثلا إذا أردت منصب إداري عليك أن تتنازل عن العديد من القيم وأولها المصداقية، فساد أداري مثل عدم التوصيف الأكاديمي السليم حيث تشعر أن الجامعة تدار لوجستيا وفق أراء حزبية وسياسية ووساطة وغير ذلك، والدليل على ذلك الملفات الموجودة بحوزة الدكاترة،وهناك أناس إلى الآن يدرسوا في الخارج ولم يعودوا وهناك أدلة والسبب أنهم منحوا منحاً دون متابعة أو رقابة، والمشاهد عديد جدا لا يتسع المقام لذكرها، هناك كذلك فساد أخلاقي بشع جداً، فهنا البعض مكون كتل (عصابات ) لمخالفهم الرأي للقيام بالاعتداء عليه بالضرب والألفاظ البذيئة وقد أعتدي علي شخصيا قبل فترة وهناك العديد من الذين شهدوا على اعتدائي.

 

الضحايا

 

قد لا نتلمس جوانب المشكلة كاملةً إذا اكتفينا بأخذ آراء الأكاديميين والقياديين في الجامعة والنقابة، ولذلك كنا حريصين على أن يكون للطالب رأي في هذه المعضلة، كيف لا وهو الضحية المحصور في قلب الرحى، ولا أحد غيره يكتوي نيران التوقف الدراسي في جامعة تعز وغيا من الجامعات اليمنية، في ظل انتهاكات الحقوق الواسع النطاق الذي تشهده جامعة تعز، حقوق المدرس.. والأكاديمي.. والإداري.. وبكل تأكيد الطالب.. الذي يرتبط ضياع حقه بضياع مستقبل الوطن ككل.

 

البداية كانت مع الطالب "ع .ح" طالب بالمستوى الرابع بقسم التسويق يقول، تشهد جامعة تعز فساد مالي وأداري وكذلك فساد تدريسي وعدم الاستقرار السياسي ،وظرف الحرب ، فمثلاً الفساد المالي معروف ويشيب له الولدان ولا يخفى على أحد، أما الفساد الإداري يتلخص بعدم وجود قاعات متخصصة وعدم التوصيف الأكاديمي السليم فالدكتور في الإدارة يدرس تسويق وجودة ويدرس علوم حاسوب وممكن يدرس (جمباز ) لو في فلوس..يعني مقاولين...

 

السياسة في الجامعة

 

ويضيف  "طبعاً ومن المشاكل أن الأمن السياسي والقومي هو الذي يحكم الجامعة خصوصاً أن بعض الدكاترة عسكريون وهم موظفون هناك وهذا بسبب أنهم يخافون من طلبة الجامعة لأنهم يعتبرون ذروة الثقافة والتفكير. وهذا بحد ذاته سياسة..والذي يقول لا نسيس التعليم نرد عليه إذا كان اتحاد الطلاب حزبي وعليه إملاءات حزبية وتمشي سياسيا وقبل سنتين حصلت حرب شعواء ومعركة ضخمة بالجامعة بسبب أن طلاباً يريدون تعليق تهنئة بعيد 22 مايو والباقين رافضين قلبوها سياسة...هؤلاء يدعون النزاهة وهم يمارسون السياسة والتزييف...وهم يريدون سياسة كما يريدون هم ووفق مقاسهم فقط..

 

تعليم على البركة

 

أما الطالبة ح. ه. في كلية الطب تقول نحن في كلية الطب ندرس طباً حبراً على ورق ما ادري كيف ندرس وكيف نتعلم؟! أين التطبيق وأين الأدوات المخصصة للتعليم ما أدري أين؟! كذلك مع احترامي الشديد لبعض الأستاذة يدرسوا في غير تخصصاتهم ولا نفقه منهم شيء كل الأمور على البركة على الله.. وبالله..المهم أن الفساد متفش جدا وظواهره عديدة جدا ولا ندري ما السبب وما الأمر..رغم وجود ميزانية كبيرة للجامعة من خزينة الدولة ومن التعليم الموازي والنفقة الخاصة...طبعا امتحنونا دون أن درس شيء وجاوابوا لنا دروس على البركة ويمشونا سريع...حقيقةً من يدعي أنه يهم مصلحة الطالب كلام في كلام، يهمه فقط نفسه وجيبه ولا يهمه علم ولا هم يحزنون، ولا حتى وطن لا تصدقوا مصلحة الوطن تحتاج إلى علم،و إلى أمانة إلى مصداقية..لا يوجد معنا احتياجات أساسية للتطبيق فكيف نتعلم إذاً ونخدم وطننا الحبيب؟! هذه رسالة إلى من يدعون الوطنية طبعاً وطنية مزيفة.

 

من أجل المستقبل

 

كما وعدنا بأننا حاولنا بقدر المتاح أن نستكشف عوامل المعضلات والتدهور الذي تفوح رائحته من أروقة ودهاليز صرح علمي شامخ بحجم جامعة تعز، وحاولنا التنقيب عن أسباب المشاكل من جميع الفئات التي تنتمي للجامعة لمعرفة التدهور الذي يعوق مسيرتها، وإن كنا لم نضع الحلول الناجعة لتلك المشكلات من منطلق واجبنا الصحفي ورسالتنا الإعلامية، إلا أننا نعد بالقيام بذلك قريباً، ويبقى الأمر مناطاً بكل مسئول وكل معني في جامعة تعز لإخراج الصرح التعليمي الكبير من ضآلته وإعادته إلى طريق الصواب من أجل مستقبل الأجيال اليمنية.