حزب الله اللبناني يحول دون توقيف "قتلة" الحريري.. ماذا فعل؟

عرب وعالم

حزب الله
حزب الله

بعد نحو 14 عاما من العمل على كشف حقيقة قتلة رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري والاعتداءات التي طالت سياسيين بارزين، تحول مليشيا حزب الله اللبناني دون توقيف المتهمين رغم صدور قرار قضائي وسط صمت رسمي.

واعتبر سياسيون لبنانيون أنه لا يمكن في الوقت الحالي توقيف المطلوبين المحسوبين على حزب الله الذي يجلس وزراؤه على طاولة الحكومة وأيديهم ملطخة بدماء اللبنانيين.

وجاء قرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري باتهام أحد قياديي حزب الله بالتورط في ثلاث محاولات اغتيال أخرى طالت شخصيات لبنانية، ليضع الدولة أمام امتحان توقيفه، وهو الأمر الذي لا يبدو أنه قابل للتطبيق في ظل المعطيات والواقع اللبناني السياسي الحالي ورفض حزب الله الاعتراف بالمحكمة.

وأمس الثلاثاء، دعت المحكمة الدولية الخاصة ب‍لبنان سليم جميل عياش، وهو مسؤول في مليشيا "حزب الله" إلى المثول أمامها، لاتهامه في اعتداءات، بجانب محاكمته غيابيًا بتهمة المشاركة في اغتيال الحريري 14 فبراير/شباط 2005.

وأوضحت أن قرار الاتهام، المؤرخ بـ14 يونيو/حزيران 2019، يشير إلى تورط عياش في اعتداء 1 أكتوبر/تشرين الأول 2004 على النائب اللبناني، مروان حماده (محاولة اغتيال)، واعتداء (اغتيال) 21 يونيو/حزيران 2005 على (الأمين العام للحزب الشيوعي) جورج حاوي، واعتداء 12 يوليو/تموز 2005 على (وزير الداخلية آنذاك) إلياس المر (محاولة اغتيال). 

وجاء في بيان المحكمة "أن المتهم ‏الأساسي في هذه الجرائم ومنسق تنفيذها كما في جريمة اغتيال الحريري هو سليم جميل عياش".

وقد أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية مذكرة توقيف موجهة إلى السلطات اللبنانية لتنفيذها ومذكرة توقيف دولية في ‏حق عياش‎.‎

واغتيل الحريري في 2005 في عملية تفجير لا تزال تداعياتها السياسية مستمرة إلى اليوم في لبنان، وتلتها عمليات مماثلة طالت شخصيات سياسية محسوبة على ما يعرف بفريق "14 آذار" المناهض لحزب الله، ما أدى إلى توجيه الاتهام منذ اللحظة الأولى له بالتورط في كل هذه الاغتيالات.

وفيما لم يصدر أي مسؤول لبناني تعليقا على قرار المحكمة الأخير ما يؤكد غياب أي خطوات مقبلة لتوقيف عياش، يكاد يجمع الفرقاء اللبنانيون على أنه لا يمكن في الوقت الحالي توقيف المطلوبين المحسوبين على حزب الله الذي يجلس وزراؤه على طاولة الحكومة.

وجدّد وزير العدل السابق ومدير عام قوى الأمن الداخلي السابق، أشرف ريفي، تأكيده أن قرار الاغتيالات سوري إيراني والمنفّذ من "حزب الله"، لافتا إلى أن "قرار المحكمة  يثبت أن هناك ترابطاً بين جميع عمليات الاغتيال التي طالت الشهداء السياديين من رجالات 14 آذار". 

وأضاف في حديث تلفزيوني: "من موقعي السابق كمدير عام قوى الأمن الداخلي كان لدينا الأدلة العلمية والقناعة التامة أن القرار هو سوري إيراني والتنفيذ كان لأمن "حزب الله"، ورغم أن الثمن كان غالياً فقد كان لنا شرف تقديم الملف كمعطى أولي للمحكمة الدولية".

ورداً على سؤال حول إمكانية تسليم سليم عياش، أوضح أن "هناك صعوبة كبرى في تنفيذ هذا الأمر فحزب الله يستطيع حمايتهم في لبنان".

ولدى سؤاله عن إمكانية أن يشكل القرار ضغطاً على لبنان، قال ريفي: "لننتظر ما الذي سيحصل من خلال المواجهة الأمريكية الإيرانية أو من خلال اضطرار إيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات وتسليم أوراقها فكل شيء قابل للتغيير".

وأضاف: "المتهم يتذرع ويقول إن المحكمة مسيّسة وغير موضوعية وأدلتها ظرفية كما يدعي حزب الله".

وأشار إلى أن "مسار المحاكم الدولية عبر التاريخ بطيء جداً بسبب الإجراءات المعتمدة وإعطاء الفرص للدفاع مما يتطلب وقتاً أطول، لكن في النهاية نجحت في توقيف المعنيين والمتهمين بالجرائم".

من جهتها، علقت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، مي شدياق، على قرار المحكمة الدولية الخاصة الأخير، وهي التي كانت ضمن الشخصيات التي استهدفت في سلسلة عمليات الاغتيال.

وقالت في حديث تلفزيوني: "لا أدري إن كانت الدولة ستتحرك لإلقاء القبض على سليم عياش، أو لا نعرف في حال تدري أين هو، ولا نعرف إذا كان لحزب الله اليد في إخفائه، ولا أحد يعلم أين هم ولا نعلم إن كانوا قتلوا في سوريا أو هم في إيران".

وأضافت: "دولة لا تأخذ على عاتقها قرار السلم والحرب لا أعلم إن كان بإمكانها القبض على عياش، وهو شخص ذو صلة مباشرة بقيادة حزب الله".

من جهته، اعتبر النائب السّابق فارس سعيد أنّ "جلوس حزب الله على طاولة السلطة مع اللبنانيين الذين سقطوا شهداء على يدّ مجموعات تابعة له بالتخطيط والتنفيذ والقرار وقاحة سياسية وأخلاقية"، داعيًا إيّاه إلى "الاستقالة".

فيما رحّب حزب الكتائب اللبنانية بالقرار الاتهامي الذي أصدرته المحكمة، مشددا على "ضرورة الامتثال لقرارات المحكمة".

والمتهمون أعضاء بارزون في مليشيا "حزب الله"، وهم: سليم عياش، مصطفى بدر الدين، حسين حسن عنيسي، أسد صبرا وحسن مرعي.

والمحكمة الخاصة بلبنان هي محكمة ذات طابع دولي، يوجد مقرها الرئيسي في إحدى ضواحي مدينة لاهاي بهولندا، ولها مكتب في بيروت.

وهي أول محكمة من نوعها في العالم للتحقيق في قضية اغتيال، وتعمل بمقتضى نظام هجين مستمد من القانون الجنائي اللبناني وقضاء لبناني دولي مختلط.

والولاية الرئيسية للمحكمة هي محاكمة المتهمين بمنفذي تفجير فبراير/شباط 2005، الذي أسقط 23 قتيلا، بينهم الحريري.

وأنشئت المحكمة في 13 ديسمبر/كانون الأول 2005، بناءً على طلب قدمته الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة.