صحيفة: الدوحة انفتحت على طهران لتخفيف عزلتها الاقتصادية 

عرب وعالم

تميم
تميم

انفتحت الدوحة على طهران لتخفيف عزلتها الاقتصادية، وباتت تستورد منها حاجياتها الرئيسية وعدّلت مسار عدد من رحلات الخطوط القطرية، التي باتت تمرّ فوق الأجواء الإيرانية بعد أن أغلقت الدول الخليجية المقاطعة لها مجالاتها الجوية أمام الطائرات القطرية.

 

ووفق صحيفة "العرب" الصادرة الأربعاء - تابعها "اليمن العربي" - "تختزل محاولات قطر البحث عن ضوء في آخر نفق أزمتها الاقتصادية من بوابة منح المستثمرين الأجانب إقامات شخصية، حجم التداعيات الكبيرة للمقاطعة الخليجية التي أثرت على تحركاتها.

 

وتسعى الدوحة عبثا منذ بداية الأزمة مع جيرانها؛ السعودية والإمارات والبحرين، في شهر يونيو 2017 العثور على بوصلة تخرجها من الطريق المسدود بعد أن استخدمت كافة الوسائل المتاحة لديها لتبرير صلابة اقتصادها.

 

وفي آخر محاولات إنقاذ الموقف، أعلنت الدوحة الاثنين أنها ستمنح للمرة الأولى رخص إقامة للمستثمرين الأجانب بالكفالة الشخصية.

 

ويشكك كثيرون في جدوى نجاح الخطوة القطرية، التي قد تكلفها ثمنا باهظا للإيفاء بالتزاماتها، التي أرهقتها في السنوات الأخيرة.

 

وقالت وكالة الأنباء القطرية الرسمية إن الخطوة، التي أصدر بموجبها الشيخ تميم بن حمد مرسوما يقضي بتعديل أحكام القانون، الذي ينظّم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم، تندرج في إطار سلسلة إجراءات لتنويع موارد الاقتصاد في الإمارة.

 

ونشر الديوان الأميري القطري التعديل الذي يجوز بموجبه “للجهة المختصة بوزارة الداخلية إصدار سمات دخول ومنح تراخيص إقامة من دون مستقدم للمستثمرين الخاضعين لأحكام القانون المنظم لاستثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد”.

 

وكذلك الأمر بالنسبة لـ”مالكي العقارات والمنتفعين بها وفقا لأحكام القانون المنظم لتملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها لمدة 5 سنوات تجدد تلقائيا طوال مدة تملكهم للعقارات أو انتفاعهم بها”.

 

ولم تذكر الدوحة الأموال المتوقع جنيها من هذا القرار، لكن المرسوم الجديد استثنى أي فئات أخرى. وقال إنها “تحدد بقرار من مجلس الوزراء”.

 

وقبل التعديل كان القانون يفرض على المستثمرين إيجاد كفيل سواء كانت شركة قطرية أو مواطنا قطريا للحصول على رخصة إقامة.

 

وتكافح قطر، ثالث أكبر اقتصاد في الخليج لإيجاد عوائد إضافية لتغطية عجز في موازنتها جراء تدهور أسعار النفط منذ منتصف العام 2014.

 

وسمحت الدوحة منذ يناير العام الماضي، بتملّك مستثمرين أجانب نسبة مئة بالمئة من حصص الشركات سعيا منها إلى زيادة المداخيل من خارج قطاع الطاقة، علما أن قطر هي أكبر مصدر للغاز المسال في العالم.

 

وكانت القوانين القطرية قبل ذلك تسمح للمستثمرين الأجانب بتملّك حصة لا تتعدى 49 بالمئة من أسهم الشركات المدرجة في البورصة القطرية.

 

وتتزامن الخطوة في خضم أزمة سياسية يشهدها الخليج حيث تقاطع السعودية والإمارات والبحرين، الدوحة وتفرض عليها حصارا اقتصاديا، بتهمة تمويل الإرهاب ودعم إيران، وهو ما تنفيه الدوحة.

 

 

 

ويأتي قرار تسهيل الإقامة للأجانب بعد أيام قليلة من إعلان مصرف قطر المركزي أن الحكومة أقرت قانونا جديدا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك “وفقا لأحدث المعايير الدولية المعتمدة من قبل المنظمات الدولية الرئيسية، بما فيها مجموعة العمل المالي”.

 

واعتبرت أوساط اقتصادية خليجية أن القرار، الذي يلغي قانونا قديما يعود إلى عام 2010 فتح الأعين على سجل قطر في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ولاسيما أن فضائح هذا الدعم لا تكاد تتوقف وتصدر تباعا في أكثر من عاصمة.

 

ويقول محللون إن الدخول في هذا المسار لا يعدو أن يكون مناورة من الدوحة هدفها استرضاء الدول الغربية، التي توصلت تحقيقاتها الأمنية إلى دورها في دعم الجماعات المتطرفة.

 

وكشفت مصادر مطلعة في أسواق المال العالمية في الفترة الأخيرة، أن جهاز قطر للاستثمار قام في العامين الماضيين بنقل حيازات من أسهم محلية بمليارات الدولارات إلى وزارة المالية.

 

وأكدت المصادر لوكالة رويترز حينها أن صندوق الثروة السيادية للبلاد قد يبيع أصولا أخرى في إطار خطة لإعادة الهيكلة بدأت قبل الأزمة الخليجية، لكن وتيرتها تسارعت بعد المقاطعة.

 

ويرى محللون أن نزيف الأموال التي تضخها المؤسسات السيادية القطرية لمعالجة شحة السيولة في السوق المحلية سيستمر ويتفاقم مع استمرار المقاطعة.

 

ورغم الاضطرابات السوقية، يقول خبراء إن قطر، تبنت عددا من الإجراءات مثل التخطيط لتعزيز إنتاج الغاز وطرق جديدة للنقل لمواجهة آثار الأزمة.

 

لكنهم أكدوا في المقابل أن الدوحة ستحتاج لنحو سبع سنوات حتى تجمع العوائد من زيادة إنتاج الغاز، وإلى حين ذلك الوقت قد تتفاقم أزمتها الاقتصادية وتجد صعوبة في تأمين احتياجات السكان وتسيير شؤون الدولة.

 

وما زال القطاع المصرفي القطري يعتمد بشكل كبير على التمويل الأجنبي، حيث أن نحو 36 بالمئة من إجمالي التزامات البنوك التجارية المحلية على ملك للأجانب.