كيف استغل إخوان المغرب ثورات الربيع العربي في الوصول للسلطة؟

أخبار محلية

بنكيران
بنكيران

لا يمكن فصل وصول حزب العدالة والتنمية المغربي إلى السلطة عن بداية أحداث الربيع العربي، فقد تأثر المغربيون بالمناخ الناشئ  في العالم العربي آنذاك ونظموا تظاهرات كان أبرزها تلك التي جرت في 20 فبراير 2011، لاحتواء الوضع، وعد الملك محمد السادس المغربيين بتشكيل لجنة تعمل على تعديل الدستور.

 

وفى الملك وعده ونظّم في الأول من يوليو استفتاء على مسودّة للدستور الجديد شارك فيه 70% من المغربين ونالت تأييد 98% منهم. من أهم التعديلات التي أدخلت على الدستور تلك التي تحدّ من صلاحيات الملك وتلزمه بتعيين أحد أعضاء الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية رئيساً للحكومة وتعزّز صلاحيات الأخير.

 

بنتيجة التعديل الدستوري، قُدّم موعد الانتخابات البرلمانية إلى نوفمبر 2011. قاطعت بعض الأحزاب الراديكالية الاستحقاق واعتبرت أن الإصلاحات الدستورية غير كافية. ولكن حزب العدالة والتنمية قرّر تبني موقف وسطي فشارك وحصد 107 مقاعد من أصل 395، متصدراً لائحة الفائزين. وتم تعيين زعيمه بنكيران رئيساً للحكومة.

 

خريف الإخوان العرب

 

بحسب نتائج الاستطلاع المذكور أعلاه، يكون إخوان المغرب المسلمون التشكيل الإخواني الوحيد الذي صمد بعد عاصفة الربيع العربي، إن على صعيد شعبيته أو على صعيد بقائه في السلطة.


ففي الجارة تونس، تراجعت شعبية حركة النهضة الإسلامية. وكانت الحركة قد حصدت، في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي أواخر عام 2011، 89 مقعداً من إجمالي عدد المقاعد الـ217 متصدّرة لائحة القوى الفائزة وبفرق كبير عن صاحب المركز الثاني، حزب المؤتمر من أجل الجمهورية برئاسة منصف المرزوقي، الذي فاز بـ29 مقعداً.


أما في الانتخابات التشريعية الأخيرة، فقد تراجعت حركة النهضة إلى المركز الثاني مع 69 مقعداً نيابياً، وتصدّر المشهد حزب نداء تونس العلماني مع 86 مقعداً. تراجع الحركة الشعبي عاد وتأكّد مع فوز رئيس حزب نداء تونس، الباجي قائد السبسي، بنسبة حوالى 56% من أصوات التونسيين متقدماً على منافسه محمد المنصف المرزوقي المدعوم من النهضويين أي على الشخص الذي يمثل أكبر تيارين سياسيين في حسابات المرحلة التي أعقبت الثورة التونسية.


ولكن، بخلاف الحال في المغرب، لم ينجح إخوان تونس في الانتشار أفقياً في كل أوساط الفئات الاجتماعية. بل تركز نفوذهم الأساسي في مناطق دون أخرى. فالانتخابات الماضية أظهرت أن ثقلهم يتركّز في جنوب تونس ووسطها بينما تميل أغلبية أبناء شمال البلد وبعض المحافظات الساحلية ومحافظات الشمال الغربي إلى الخطاب العلماني الذي عبّر عنه السبسي.


وإذا كان الإخوان المسلمون قد خرجوا من المشهد السياسي التونسي بطريقة ديمقراطية وقبلوا بحُكم صناديق الاقتراع فإنهم رفضوا القبول بنتائج الانتخابات التشريعية الليبية التي جرت في يونيو الفائت وأسفرت عن تقدّم خصومهم الكبير عليهم. ولم ينجح حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية للإخوان، في الفوز بأكثر من 30 من أصل 200 نائب. فرفضوا نتائج الانتخابات وقاد موقفهم إلى انقسام خطير في المجتمع الليبي يعبّر عن نفسه حالياً بانقسام البلاد بين برلمانين وحكومتين وبمعارك يومية بين الكتائب المسلّحة.

أما في مصر فقد أقصي الإخوان عن الحكم بالقوة بعد فوزهم الساحق في الانتخابات التشريعية وبعد تمكنهم من إيصال مرشحهم، الرئيس الأسبق محمد مرسي، إلى سدّة رئاسة الجمهورية. وتعقّد المشهد المصري بطريقة تمنع أي مراقب من تقدير شعبية الإخوان الآن لو لم يحصل ما حصل في 3 يوليو 2013.

 

وفي اليمن لم ينجح الإخوان ممثلين بذراعهم السياسية، التجمع الوطني للإصلاح، من كسب تعاطف أبناء الجنوب المطالبين بالانفصال أو تعاطف اليمنيين الزيديين المتحلقين حول حركة أنصار الله الحوثية. في مشهد وسطي، لا يقوم فقط على العنف ولا ترسمه نتائج الانتخابات، أدى التوسّع الحوثي العسكري في محافظات عدّة إلى تحجيمهم سياسياً بالتعاون مع أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.


هل يمكن القول، على ضوء التجربة المغربية، إن إخوان مصر ما كانوا ليغادروا السلطة لو لم يفرض عليهم العسكر هذا الأمر؟ يصعب تقديم إجابات حاسمة ولا يمكن القياس ببساطة على تراجع إخوان ليبيا وتونس لأن تراجعهما كان، أقله جزئياً، أحد ارتدادات إقصاء إخوان مصر عن السلطة وما رافقه من حملات إعلامية واسعة لتشويه صورتهم.


ولكن من المؤكد أن الظروف التي أدت إلى صعود الإخوان في الشرق الأوسط وأبرزها تنظيمهم الجيّد بعد اندلاع ثورات الربيع العربي والتعاطف الشعبي معهم كونهم أبرز ضحايا الأنظمة السابقة ما كانت لتستمر بالزخم نفسه الذي شهدناه عامي 2011 و2012.